عندما يتحول التعلّم إلى مُتعة وشغف !
عندما تشتبك المعرفة مع الواقع ..
(ذاكرة المكان والإنسان (1) ) ..
بدأت الفكرة عندما أرسلت لي صديقتي وفاء عبدو مقالاً من مجلة رؤى التربوية، يتناول مشروع "المدية مشهد ثقافي جغرافي"، والذي قام به الأستاذين محمد الخواجا ويوسف الخواجا، لدراسة قرية المدية من أرض الواقع، برفقة طلابهم، وذلك بسبب جهل الناس وعدم معرفتهم بها. شمل المشروع التعرف على القرية من ناحية جغرافية وتاريخية بالإضافة إلى التعرف على عاداتها وتقاليدها وفنونها من خلال الرواية الشفوية للأجداد .. ليألف بعدها الطلاب كتاباً لقريتهم يشمل كل هذا وأكثر ..
ومن هنا لاحت لي الفكرة !
لماذا لا أقوم بإسقاط كل من كتابي الجغرافيا والتربية الوطنية للصف السابع على أرض الواقع، من خلال دراسة مدينتي القدس والخليل (مسقط رأس طلاب الصف) ؟
فيتحول الكتابين إلى حقيقة يبحث عنها الطلبة بين أروقة الحارات والآثار الإسلامية والمسيحية، وبين نوافذ البيوت القديمة، والأكلات الشعبية، والأسواق العتيقة، ورائحة الأرض، وضحكات الجد وبراثين الأسلاك الشائكة التي نصبها الاحتلال وطوق بها قرانا ومدننا ..
ومن هنا انطلقنا بمشروع (ذاكرة المكان والإنسان) لدارسة مدينتي القدس والخليل من خلال الاحتكاك بالواقع مباشرة، وعمل تجوالات داخل المدينتين، معتمدين على الرواية الشفوية للأجداد والتجار والباعة، وكل من يملك علماً بتاريخ المدينة وعاداتها وتقاليدها وجغرافيتها وواقعها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي ..
يهدف المشروع إلى :
عمل بحث كتابي وصوري ومرئي عن كلا المدينتين بالإضافة إلى عمل درامي يجسد المعرفة فنياً. المشروع يعمل على إبراز طاقات الطلاب وإبداعاتهم من جوانب متعددة أهمها البحث الكتابي والعمل الفني والتقني إلى جانب التصوير وصناعة الأفلام. كما يهدف إلى تنمية شخصية الطالب من خلال العمل ضمن فريق، والاحتكاك مع مجموعات مختلفة من الناس والأجداد وكبار السن والمرشدين والأهالي.
كما يهدف إلى تعويد الطلبة على ثقافة (إنتاج المعرفة) بأنواعها بعيداً عن استهلاكها ..
فالطالب في المشروع هو (الباحث) الذي يبحث عن المعرفة بشتى الطرق ولا يقتصر دوره على تلقي المعلومة وحفظها من كتاب المدرسة !
كان تجوالنا الأول إلى مدينة خليل الرحمن وقد شمل التجوال المحطات الآتية :
1. لجنة إعمار مدينة الخليل (لنتعرف على لمحة شاملة عن مدينة الخليل).
2. سوق الخليل القديم ومقابلات عديدة مع التجار للتعرف على واقع السوق القديم وتحدياته.
3. التكية الابراهيمية وشعارهم : طعام بدون مقابل .. لا ينام أحد بالمدينة وهو جائع !
4. المسجد الابراهيمي رابع أقدس مكان إسلامي في العالم بعد مكة والمدينة والقدس (واقعه وتحدياته).
5. مصنع الكوفية الفلسطينية - المصنع الوحيد المتبقي في الخليل لصناعتها.
وقد كانت جولة مليئة بالمعرفة والسعادة والشغف بحمد الله smile emoticon ..
وها نحن نستعد .. إلى الجولة القادمة .. بلهفة ..
بالنهاية أحب أن أشكر كل من :
- رئيسة مجلس الإدارة : أ.سهير شاور ومديرة المدرسة : أ.هنادي طوطح على تقبلهم الدائم ودعمهم لكل مشروع أو فكرة فيها الخير والفائدة لطلبتهم.
-المعلمات اللواتي دعمونا وشجعونا وأخص بالذكر: المعلمة آلاء القواسمي - مدرسة العلوم في المدرسة Ala'a Hamed Qwasmi والتي ساعدتني من اليوم الأول بالدعم والأفكار، والمربية الفاضلة تبيريا محسن (أم حمزة) التي وقفت معنا كعادتها الدائمة بكل ما نحتاجه.
-المرشد الشغوف : حمزة أسامة العقرباوي والذي رافقنا رغم المرض وبذل كل جهد لإنجاح التجوال .
-أهل الخليل الكرماء والذين لم يبخلوا علينا بأي فائدة أو معلومة ..
وأختم : من لا يعرف بلاده .. كيف له أن يحبها ؟ كيف له أن يدافع عنها ؟
ومعرفتها لا تأتي من الكتب وحدها بل بالسير على ترابها .. بالسير على ترابها ..
أتمنى أن تنتقل هذه المشاريع لكل مدارس الوطن .. وإنني لأؤمن بوجود من يتبناها وينقلها ويضيف عليها .. ويبدع أكثر فأكثر ..
قلم :آلاء سامي
مدرسة : دار الحكمة - القدسDar Al-Hekma school