التاريخ : 2015-04-14
مشروع ذاكرة المكان والإنسان (القدس التي لا نعرفها)
عندما يتحول التعلّم إلى مُتعة وشغف.
عندما تشتبك المعرفة مع الواقع ..
(ذاكرة المكان والإنسان ) ..
التجوال الثاني : القدس التي لا نعرفها !
.................
ها هي الجولة الثانية من مشروع (ذاكرة الإنسان والمكان) تستكمل مسيرتها اليوم الأحد 5-4-2015.
ننطلق من الساعة الثامنة صباحاً ونعود مع أذان المغرب لاكتشاف مدينة القدس بعيداً عن الشعارات الفارغة .. والمناهج الفقيرة ..
رافعين شعار (الوعي .. أول مسمار يُدق).
تلك المدينة التي يدعي الجميع حبها ..
ولكن في الحقيقة من الذي يستحضر همته ليعرفها فيحبها عن معرفة وعلم؟ فشتان بين حب الفطرة وحب المعرفة والفطرة معاً !
كان هدف الجولة رؤية المدينة المقدسة من جبالها التي تطوقها كما تطوق الأم جنينها .. ودراسة أهم المعالم الدينية والأثرية الموجودة فوق صخور تلك الجبال العريقة..
فكانت جولتنا على سفوح جبل المشارف وجبل الزيتون وجبل المكبر .. التي تعكس ببهائها سحر الطبيعة في مدينة القدس .. والتي تستطيع أن ترى من خلالها عبق المدينة المقدسة الذي يخطف الألباب .
كما وزرنا ما يقارب الـ8 كنائس التي تتربع على سفوح تلك الجبال .. والتي ربما سمعنا باسم معظمها اليوم للمرة الأولى !
وقد ابتسمت وأنا أراجع طريقة سرد مناهجنا للمعالم الدينية المسيحية في مدينة القدس والتي تقتصر على ذكر كنيسة (القيامة) من الصف الأول وحتى الثانوية العامة مهمشة بدورها عشرات الكنائس الأخرى التي يزورها آلاف الحجيج من جميع دول العالم كل عام.
فيعرفها العالم ولا يعرفها ابن القدس !
هل سمعتم يوماً بالكنيسة الجثمانية .. مريم المجدلية .. صياح الديك .. الدمعة .. النياحة .. أبانا الذي في السماء ( Eleona ) .. قبر مريم .. الصعود .. ؟! هل سمعتم ؟!
كما وزرنا مقامات عدة منها : مقام رابعة العدوية (أم الخير) وهي عابدة مسلمة وإحدى الشخصيات المشهورة في عالم التصوف الإسلامي، وتعتبر مؤسسة أحد مذاهب التصوف الإسلامي وهو مذهب (الحب الإلهي). يحتفظ بمفاتيح المقام آل العلمي في القدس حتى اليوم ..
وكذلك زرنا قبر مجير الدين الحنبلي حفيد الخليفة العادل عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- القاضي العادل ومؤلف كتاب (الأنس الجليل في تاريخ القدس والخليل) .. والذي يقع قبره بجانب قبر السيدة مريم (حسب الرواية المسيحية) ..وكذا الكنسية الجثمانية.
كما وعرجنا على سكة قطار الحجاز .. والتي كانت تمر قاطراتها في محطات عديدة من القدس إلى يافا .. ومن يافا إلى حيفا .. ومن حيفا إلى بيسان .. ومنها إلى سوريا ولبنان والحجاز .. والتي يقام عليها اليوم "مول صهيوني" ليدنس تاريخها .. راسماً ذلك المعنى الكبير من الألم والوجع اللامتناهي .. من تذويب الهوية وتغييب الحقائق.
وقد صادفت جولتنا اليوم عيد الفصح لليهود لنرى القدس "الغربية" تعج بآلاف الصهاينة الذين خرجوا للاحتفال والرقص واللهو .. عابثين في شوارعها وحواريها .. على مرأى العالم أجمع ..
..................
على مطلة جبل الزيتون .. تواريت عن أنظار طلابي .. أنظر إلى السماء ..
وأقول : لماذا أرى كل هذا التاريخ العريق للمرة الأولى في عمر الـ 25 !
كم عدد الأجيال المغيبة عن كل هذا الإرث التاريخي ؟
كم عدد الطلاب المقدسيين الذين يجلسون خلف الأدراج ويدرسون بأن في القدس جبال عديدة منها : جبل المشارف و .. و ... يدرسون ذلك من خلف الأدراج .. من خلف الكتب .. من خلف الكلمات ..مع أن هذه الجبال لا تبعد عن مدارسهم سوى بعض الكيلومترات !
لماذا لا يُحمل هؤلاء الطلاب ليروا الواقع بدل من الاكتفاء بالكلمات الجوفاء ..
وكم سيكلفنا لو أخرجنا طلابنا من وراء الأدراج ليكتشفوا مدينتهم بأنفسهم؟
.................
أختم بأنني بدأت ألاحظ بأن هذه التجوالات تهذب الإنسان من الداخل وتجعله أكثر تصالحاً مع نفسه ومع الحياة .. وتفجر العديد من مواهبه .. أضف على ذلك بأنها تحرك جميع عضلات الجسد .. فالمشي والتسلق والحركة يساعدون على تقوية الجسم وجعله أكثر قوة وحيوية .. كما وتساعد هذه التجوالات على تفريغ كل الشحنات السلبية ..
.................
إلى كل معلمي الاجتماعيات أوصيكم بالآية العظيمة :
" قل سيروا في الأرض" ..
خذوا بأيدي طلابكم وانتشروا في أرضه .. علنا نصل إلى أنفسنا .. نصل إلى هويتنا .. نصل إلى الله ..
قلم المعلمة : آلاء سامي